أخر الاخبار

محور وجود الغير / مفهوم الغير - مجزوءة الوضع البشري

مدخل: مفهوم الغير

لقد اتضح لنا من خلال مفهوم الشخص، أن الانسان كائن قائم بذاته، يتميز بالعديد من المقومات الذاتية والتي تشكل معالم هويته الشخصية.

 لكن هذا ليس معناه أن الشخص يبقى حبيس عالمه الخاص، يعيش في عزلة ووحدة؛ بل بحكم طبيعته الاجتماعية فهو مطالب بالعيش داخل الجماعة، وعلى هذا الاساس مطالب باثبات ذاته وتعبير عنها. غير أن هذه العلاقة لا تنحو منحا واحد بل انها تتراوح بين السلب والايجاب ؛ من حب وصداقة وعاطفة نبيلة وحنان الى الكره والحقد والعنف ثم الصراع والنبد والاقصاء...

لكن رغم هذا التناقض في العلاقة، فالحاجة نبقى ملحة وضرورية لوجود الغير باعتباره أنا اخر ذات اخرى لها مقوماتها الذاتية ولها حقوق وعليها وجبات وتمتلك كرامة وتستحق الاحترام والتقدير، بهذا فالغير عالم اخر يستدعي منا معرفته واكتشافه؛ هذه المعرفة التي شكلت احدى الازمات في الوضع البشري بشكل عام. فهي تتروح بين الإمكان والإستحالة؛ قد تكون ممكنة كما قد تكون مستحيلة أو تخمينية تقريبية افتراضية ...في هذا الاطار نتساءل: 

هل الذات الإنسانية قادرة على الاكتفاء بذاتها؟ بمعنى هل تملك امكانية اثبات ذاتها بداتها أم على العكس من ذلك تبقى في حاجة الى الغير ؟ 
هل معرفة الغير ممكنة أم مانها افتراضية وتخمينية؟
 ما نوع العلاقة الممكنة بين الأنا والغير؟ هل هي علاقة سلبية تكتسي صبغة الصراع والصدام أم أنها علاقة ايجابية تنبني على الحوار والتسامح والاحترام؟  
مفهوم الغير- محور وجود الغير
مفهوم الغير- محور وجود الغير


المحور الأول: وجود الغير 

التأطير الاشكالي:

ان مسألة وجود الغير لم تتبلور ذاخل الفكر الفلسفي الا مع فلسفة هيغل التي استفادة من الأطروحة الديكارتية حيث اصبح الحديث عن ذاتين وليس ذات واحدة. نجد مع الفلسفة اليونانية الاهتمام كان فقط بمسألة الهوية الذاتية، الغير هو الغريب أي ان باقي الشعوب غير اليونانية هي في نظرهم بربرية، متوحشة. من خلال ما سبق نتساءل، هل الذات قادرة على اثبات ذاتها بداتها؟ أم على العكس من ذلك هي في حاجة الى الغير للإثبات الذات؟

موقف ديكارت:

لقد انطلق ديكارت من تجربة الشك، الشك في كل شيء بما فيها ذاته، بغرض الوصول الى الحقيقة. فتساءل هل أنا موجود؟ فكانة الاجابة هي الكوجيطو "أنا افكر اذن انا موجود" اي انا اشك انا افكر انا موجود، وهذا معناه أن الفكر شرط الوجود الإنساني، فكل ما ان متيقن منه هو انني موجود أم وجود الغير فهو جائز، افتراضي ... قد يكون وقد لايكون.

انا موجود وحدي أي انا ذات قادرة على اثبات ذاتها بذاتها. لكن هل فعل نستطيع استغناء عن الغير والعيش في عزلة ووحدة تامة؟ مع علم نحن كائنات تميل الى الاجتماع (اجتماعية) بطبعها؟ 

موقف هيغل:

في هدا الصدد ينتقد هيغل الفلسفة الذاتية (اطروحة ديكارت) التي تتحدت عن الذات الواحدة والوعي الواحد، ويتحدث عن واعيين أو ما نسميه بذاتيين كل واحدة منهما تحتاج الى الاخر من ناحية البيولوجية من جهة، ومن جهة ثانية الرغبة في  نيل الاعتراف؛ مما يجعل هذه العلاقة قائمة على الصراع.

 يسعى كل واحد منهما نحو اتمام وعيه بذاته وكسب اعتراف كامل بها، يحتم بالضرورة نفي احدهما للاخر، وهو أمر ينجم عنه انتقال وعي ذات من وعي بسيط الى وعي مطلق، في حين تبقى الذات الأخرى محتفظة بنفس وعيها الأول، وقد نتج عن هذا الصراع جدلية اطلق عليها هيغل اسم "جدلية العبد والسيد" يتحقق بموجب هذا الصراع اعتراف من جانب واحد فالسيد هو المعترف به وحده أما العبد فهو في حاجة الى نفي وعي اخر من اجل تحقيق اعتراف بذاته. اذن لابد من وساطة الغير حتى يتحقق الاعتراف كامل بالذات.

  • فيديو مبسط عن المحور هنا

prof hamza
بواسطة : prof hamza
استاذ مادة الفلسفة بالسلك الثانوي التاهيلي المغرب
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-